الإخوه الكرام هذه المره مع شاعر فذ في الشعر الشعبي , وهو
من باديه كثيراً مايغيب عنا صوتها , فكلنا نعرف البطانه وشعرائعا
الكبار ونعرفأين هي بادية البطانه , واليوم نحن سوف نتحرك مع
ضعينه ونجول فيبادية الكبابيش في شمال كردفان وشمال دارفور
وشمال غربأم درمان والشاعر ود إدريس هو أفضل من يتكلم هنا .
بادية السودان تكاد تتشابه وخاصه الباديه الرعويه , فطريقه
المرحال والنشوق والضعن والأجراس والشلايل هي ذاتها من
أيام الجاهليه حتىاليوم . وما دام هناك ضعن فإن هناك فراق
وعاشق فقد معشوقته أو جيرانهوهناك جمال شيل وهناك
مطر وتعول وبروق وسيول وأعشاب .
يقول :
البرق البزيم رعدو وتُعولو يغرفن
خلى عيوني للسجاعه مــــابيعترفن
فينا الشيب نتر وأبن العقول يحترفن
سببنا الدكَّن الؤلؤ بعد مـــــــا درفن
****
كل ماتبرق البروق في الباديه يجن جنون العشاق , لأن البرق
والرعد يعني خريف جديد , وأشواق تتجدد للغائبين بالعوده
ونُذُر فراق وبين فالبرق والرعد والليل هي دائماً ماتحرك
شجون الشعراء وخاصه أهل الباديه , فالعيون تساهر
ولا تعترف بالسجاعه , والسجاعه هي القمريهالتي فقدت
جناها فتظل تسجع طول الليل لاتنوم , والسبب هنا في سهر
الشاعر تلك الفتاه الصغيره التي توها مادرفنت والدرفون
هو قبل عمرالبلوغ أو أوله .
****
عدم شوف السحيه وشوق غرامه الهائل
أضعف قوة الصبر القــــــبيل مــو خايل
بدل الحافله عطفه وريش نعـــام وشلايل
لا دمغـــــت جواب لا جربت مـــــوبايل
****
السحيه هي البنت الخجوله , وغرامها الهايل أضعف قوة
الصبر الذيهو أصلاً ضعيف ( موخايل ) . فهذه البنت من
الباديه وهي تستخدم بدل الحافله والحافله هي الفضيه
التي تضع فيها بنات المدينه الأواني والعدهولكن محبوبته
عندها بدل ذلك مايحبذه الشاعر العُطفه وريش النعام والشلايل
وهي الخيوط النازله تزين الهودج مركب الضعينه . فهي طوال
عمرها لم تكتب الجوابات الغراميه ولم تذهب لمكتب البوسته
لتضع الدمغه على الجوابات ولم تتحدث بالموبايل الذي يعتبره
الشاعر قد يؤدي إلى فعال مشينه وهو محق (البلوتوث )
( والـ mms ) .
****
المـــــا قالوا عدل السوق بقت متسادي
جض جراسه بالركن الأخير في البادي
كـــــان نضمت تدنقر وللقــــبيح متفادي
تتكجر خجـــــول ما شاركت في النادي
****
بدأ يوصف في حبيبته فهي رزينه لم تتحاوم بالأسواق
ومتسادي أصلها ( متساديه ) ولكن أهلنا الكبابيش
ينطقونها مثل الشوايقه بكسر الآخر مثل كريمه فيقولون
( كريمي ) . واليوم جضت الأجراس أجراس ضعائنها
بالركن الأخير في الباديه ( الباديي ) . يتأسف لفراقها
ويقول إنها خجول مليئه بالحياء فلو تكلمت معك فإنه
تدنقر ولاترفع بصرها وتتفادى الكلام والفعال القبيحه ,
تتكجر أي تكثر لملمة ثوبها ليسترها فهي لم تشارك
في الأنديه وحمامات السباحه والرياضه بالمايوهات
والعري ومتابعة الرجال . وعندما تجض الأجراس
فإن الضعينه قد نوت الرحيل
****
دانولا البقعقع وعــــــندو كمين زيمه
هدموا أب أربعه شقاقاً غزل مو خيمه
فج كيعـــــــــــانو تب واندفع بالغيمه
يتخنق متل نقــــــــارة الــــــهرزيمه
****
هذه الفتاه هي بنت أصول وأهلها أغنياء , فعندما ترحل لم
يتم إركابها في أي جمل , ولأنها منعمه فأدنو لها أي قربو
منها جمل أصيل وفحل مؤصلوقادر على حمل الأثقال
ووصف الجمل الذي دانوهو لها البقعقع أي له
هدير وقعقعه وله عدة أنواع ( كِمين ) من الزيمه والزيمه
هي صوت يخرج من البعير , وبدأوا يهدمون البيوت التي كانت
واقفه أصلاً استعداداً للرحيل ووصف بيتها بأبو أرعه شقاق
والشقه ( تشبه الشمله ) وهي أحد جوانب بيت الشعر , المغزول من
الشعر وليس بخيمه , فبيت الشعر كلما كبر دلَّ على العزه والإمكانيات
والأصاله وتغزله النساء , فعندما وضعو به الأحمال
وركبت عليه تبَّ يعني قام ونهض بعد أن فجَّ كيعانه واندفع وهو
يتخنق ويهدر وشبه هديره بنحاس الهرزيمه ناظر الكواهله
ونقارة الهرزيمه ضربهاقوي ومستمر لا تسكت والرجال حولها .
****
للهيش عندو طـــاحونه وحجر دقاقه
يرمي الفوقو حد ماشافلو حركة ناقه
عانينبو البرنزوق مابرعى فيهو دقاقه
يتقسم عقب عــــالي الشروف لي قاقه
****
بحمله الثقيل يتوطى الهيش ويطحنه بخفه وكأنه حجر طاحونه أو
حجر دقاقه يدرس كل مايطأه دليل قوة البعير وثقل حمله , يهيج
ويرمي كل من على ظهرهكل ما رأى ناقه , متوجهين الآن
( عانيينبو ) تعني قاصدين به مكان العشب الكثيف غير الدقيق ,
وعقي عالي الشروف والقيزان والتلال وله قاقه والقاقه
هي الصرير والضوضاء التي تصحب الظعن .
****
تلباً نايبو صفاــــره وضروسو حراب
بي جدعو البخش سعنو المع الأقراب
قطع لببو المع الغرده ورخا الكـــرَّاب
لا نسَّف علــــوقو ولا كرع في شراب
****
شابك نايبو والقطران مغطي محاجمو
الهيش البخـــــــــوف بالمناسم هاجمو
حامل الكل عاشق قيمه بالشوق راجمو
يتواجج متل دهب البحـــور في مناجمو
****
الجمل شابك نايبو ودوماتو والمحاحجم هي الفقره أعلى رأس البعير
خلف الأذنين هذه المنطقه يسيل منها العرق والعرق يصبح أسود
اللون كالقطران , قد أصابه الجهد وهو يحمل الجميل الذي
يعشقه كل عاشق فتاه قيمه ويرجم عشوقه بالأشواق
وهو يتواجج أي يتلألأ كالذهب في المناجم .
****
الوحش البقيف فوق العـــوالي كنتَّل
مرابعه ضعينة الرُخ الوضــيبو مفتَّل
تـــاتاي البريـــــدو المــــاشبح بتختل
قلب نسام عبق مسك أب كريق الحتَّل
****
الوحوش والصيد والغزلان التي تقيف في الأماكن العاليه
( العوالي ) وتقف في مجموعات ( منتَّل ) قد ذهبت إليه
ورافقته ضعينة محبوبته أي ذهبت إلى الخلاء
والقيزان والوديان الخاليه والمخضره بالعشب والرخ
الوضيبو والوضيب الشعر وشعرها طويل ومفاَّل أي
طويل وغزير مفتول في شكل ضفاير , وحبيبته
لا تشبح شبح حين تمشي إنما تتاتي متاتاه وتتختل
أي تختال في مشيتها , وعندما تمشي الهوينه ويمر عليها
النسيم ويقلب النسَّم تجاهك فإنه ياتيك برائحتها الذكيه
وهي تشبه عبق رائحة المسك وليس أي مسك إنما
مسك أب كريق وهو التمساح الحتَّل الذي غاص في الماء
وهو به غدة تفرز نوع نادر من المسك .
****
البُــــــراقه والودع البوِّج في الوقري
علم لضعــــينة أم شايباً تقيل مو فقري
عضباً جضَّ جراسو ورخولو النقري
عـــــايمبو الكذاذي أبو تنيةً منصقري
****
البُراقه هي العلامه المميزه كالرايه , والودع يخيط حول الهودج ,
الحور , كلها علامات تميز ضعينة محبوبة الشاعر وهي بنت
الشايب والشايب هو كبير السنالخبير والفارس والتقيل تعني
الغنيان الذي يمتلك الإبل الكثيره وهو غير فقري يعني هي
بنت اسره غنيانه ومنعمه , إذاً جضت الأجراس أجراس الضعينه
ورخو لها النقره لتتمهل في مشيها والمحبوبه هناك يعوم بها
الجمل الأصيل القوي والمتين والذي يتحمل الشيل ( جمل الشيل ) .
****
أهل المِــــــن صغيِّر رقلـــــــــولو مطارقو
عمتو التيــــــــــهه بي ضعناً هميمه جرارقو
الغاض نظرو والصوت في المجالس سارقو
هــــــــاد العطفه شلولو البجِــــض وبرارقو
****
أهلها الذين من صغرها رقلو لها المطارق , ملأوا التيهه أي
الخلاء والطريق(عمتو ) غطو هذا الخلاء بي ضعناً كبير
وجرارقه هميمه ومتنبه للطريقه ونشيطه غير متكاسله كيف
لا وهي عزاً لهذه القبيله والقوه هاهي من صفاته غض البصر
ولا ترفع صوتها في المجالس مجاليس الأنس بين أخواتها
وزميلاتها ولكنها تسرق الحديث سرقاً , وهاهي اليوم قد
هد العطفه شلولو التي بها الودع وبرارقه وتوكل في
رعاية الله ليحفظه .
****
نزلوا اللـــــيله عرب أمات رقاب وضفاير
فوق علوه وحدب مهوى وبحور مو حفاير
دلُّوا الفـــــــي السدايه مفصــــــلنلو نواير
حلـــــــقبو وجودل الرُخ السحي المو باير
****
****
الشاعر يتابع الظاعنين , وهاهو اليوم يخبرنا بأنهم وصلو المكان
المحدد من قبل الكبير ولكمهم أين نزلوا فإنهم نزلو فوق علوة
(أماكن مرتفعه ) خوفاً من السيول والمكان حدب أي قيزان أماكن
جافه ليس بها طين , مهوى لها معنيين أي مهوى تتهاوى حوله
السيول أي أنه ذو هواء متحرك ليس بين الأشجار مكان منكشف .
وها هم قد أنزلو البيت ( بيت الشعر ) الذي في سدايته والسدايه
هي الخيوط الطوليه , قد فصل به من صنعه نواير , وها هو
الرُخ السحي قد حلق وجودل بالبيت ولجمالها وأسرتها
فالكل يريدها زوجه غير بايره .
****
منسوج غزلو بي حكمه وكيوف ومعاني
عزلولو الوتد وأتنـــــــــاول المسحاني
لمت في أم حوابس ونـــاغمت لي فلاني
خمس دقــــــــايق إنسندن طنايبو تماني
****
هذا البيت قد نسجت خيوطه بي حكمه أي من نسجدته أجادت نسجه
من الغزل وهو شعر الأغنام فهي أجود ما تصنع منه بيوت الشعر ,
وعزلو الوتد لها لتقوم ببناء البيت وهو مسولئة النساء لأن الرجال
لهم مايشغلهم , ولكل بيت ثمانيه أوتاد ( مراكيز ) وتناولت المسحانه
( تشبه الشاكوش ) وناغمت نادت لجارتها وبعد خمسه دقايق قد وقف
البيت بأطنابه الثمانيه ( الطنايب ) جمع طنب والطنب هو
الحبل الذي يربط بين الشقه والوتد , وهو كلمه فصيحه جداً .
****
كجرت فوقُن أم زور والسحـــــاب إتبشَّك
نعلُّو إن شاء الله عاد حنتوت حبيبك وقشك
الحُر المقـــــــندف وبالتــــــويلي مهشَّك
بقيس بلد الولــــــــوف البي العنابر وشَّك
****
عندما وقف الظعن وبنيت البيوت هاهو الشاعر لا يتوقف عن رسم
تلك اللوحه الجميله , فهاهي أم زور الناقه كجرت أي توقفت تحن
, والسحاب قد مزل مطره بغزاره وتبشك السحاب إتفكك ونزل مطراً
غزيراً . نعلو تعني لعله بإذن الله حنتوت حبيبك والحنتوت عشبه
جميله تحبها الأبل والأغنام له زهره بيضاء , فالحنتوت ممتاز وكثير
والقش أيضاً متوافر في المكان الذي مزلو به خضره وماء ووجه
حسن , ولكن جمله حر ومقندف ومزدان بالتويلي ( مكشب )
سوف يقيس بلد الولوف الذي إبتعد عنه .
****
قلجو العــــــانس المادنقرت فوق حاشي
الجي قادم صدفه ينزل واستقام بي ماشي
غطى القوز عقيدُن اللي الضعيفه براشي
بالبكـــــــــريها واقف وقفة الديـــــاشي
****
أهل الباديه والظاعنين دائماً وكما هو معروف فإنهم يضبحون
الكرامه للمنزل الجديد , ليبارك الله لهم فيها ويجنوا خيرها
ويكفيهم شرها , وهاهم قلجو أي ذبحوا العانس هي الناقه
السمينه التي لم تلد وهي إلى الآن مادنقرت لترضع الحاشي يعني
سمينه لا ضعيفه , وأصبح اللحم للضيف وللغاشي والماشي
وعقيدن أي قائدهم الذي يسند الضعيف ويراشيه قد غطى القوز
بالإبل دلاله على كثرة إبله والناقه هي التي يقيف بكريها مثل
الجياشي بدقه وإنتظام وقوه ومتمرن على مايريد منه صاحبه
وأهل الباديه يقولون الديش ( للجيش ) والناس الكثُر .
****
إنمسر الغدرَّن والضُــــهور مفروشه
بالربله وشرى الربعه البكتل أم شوشه
الكرَّع زُمـــــــامِن وروبتن مرشوشه
زوق عِفه وتُقال مـــا فيهن المخموشه
****
إمتلأت الغدران جمع غدير , والضهور هي العوالي والقيزان
قد افترشت بالعشب مثل الربله , والربعه التي شراها قد يقتل
الناقه ( يشقها ) يكتلها وأم شوشه هي الناقه . تلك الحواري
اللاتي قد ظهر زمامهن ورشن روبتهن ( شعورهن ) بالعطور
كلهن زوق وتُقال أي ليس بالخفيفات اللفيفات وليس بينهن
المخموشه المهترشه .
****
المابيمشن الســـــوق والمحلق وناسي
كاجرات المربد وكِمو زاويه وساسي
بقيم الليل عشـــــوقن بين نايم وحاسي
يباري السقده والعِجب إن لقالو دباسي
****
المــــــاكدبُّو المحـــــروت وحشُّو نجايل
غطو العالي من لا بيوت شُقاق وحجايل
دانو اللبلو معـــــــزولات رِداف وعجايل
هرج سرجو ولصف عدلي التويلي الجايل
****
أهل الباديه والرعاه دائماً ما يقللون من قيمة المزارع فوصف الشاعر
هؤلاء الناس بأنهم ليس أجراء يكدبون الحشائش المحروثه في
أماكن الزراعه , ولم يحشو النجيل في الزراعه والحدائق ( عمال )
ولكمهم قد ملأوا العالي ببيوت الشقاق بيوت الشعر والحجايل .
****
أم ديساً طبيعي وتاني دورن طــــاقه
عامتين الضُهور النـــــاقه فوق الناقه
وكل ماسبعه يوم راصعين قفُر دقاقه
بي ناس إستلَم مـــــــاليهن أي علاقه
****
تلك الفتاه الجميله وديسها شعرها طبيعي ليس واصلاه بالكتان
لتجعله طويلاً قد ملأو وعمتو الضهور بالإبل الكثيره رمز
الغنى والثراء , فأينما ذهبت سوف تجد إبلهم وكرماء لا يمر
اسبوع حتى يضبحو , وليس لهم أي علاقه
بالمغتربين ناس ( إستلم ؟ ) أي إستلمت .
ــــــــــــــــــــــ
ودام الود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق