عبد الله أحمد علي إدريس شاعر باديه متمكن , جاب الباديه
منذ نعومة أظافره , نما وترعرع فيها ( بادية الكبابيش ) وهي
قطعاً في غرب السودان . عشق فيها بناتها الجميلات وكان
يعشق جميله , تزوجت من غيره وكانت تحبه هي أيضاً ولكن
كما تعلمون لا رأي للبنت هناك .
في أحد الأيام أراد أن يزور الفريق عله يسعد برؤيتها أو يحدثها
وعزم السفر , ولكم عندما وصل إلى الموضع المحدد لم يجد
أحداً إلا الأطلال وهناك جريو ينبح وحتى الجريو نسوهو أهل
الفريق وعرف أن العرب قد ضعنوا أو رحلوا من هذا المكان
إلى آخر , دار حوار جميل بينه وبين الجريو , ولكن دعونا
نعرف ماذا قال شاعرنا للجريو وماذا قال الجريو له :
****
ياجريو الخراب قول ليَّ وينهن ناسك
شايل الليل نبيح حارس الديار بي راسك
في الأطلال تزوِّد في النبيح وحماسك
هامل إنت ولا نسوك من وين ساسك
****
الجريو :
أنا حرس أم خدود وجريو نسيباً ليهُن
كان جيتُن قريب لماني سيدي عليهن
ما قالولي راحلين أرح أندرج باريهن
رقدت وصحيت إلا لقيت تفل شاهيهن
****
ود إدريس :
يا حرس البحوم غفرو ودروبو حصينه
نبيحك مو صواب ظنيت طبايعك شينه
جزاك عرفولو غورك لا كُشك لا لبينه
بت العفنه أنا وإياك نووبه علينا
****
الجريو :
سمحه طبايعي مابنبح دوام أزعجهم
مابتعقب الحلَّال ولا إن جوهم ضيوف بحرجهم
ينبح في الصواب لأني عارفو نهجهم
بعد الهجعه بكشف سرقة الزول البجي يدارجهم
****
ود إدريس :
يالمهجور مهمَّل في الدمر وأطلالك
برا البيت المهدَّم والولي إن ضلالك
ماتجيب لي سؤالي وأستجيب لسؤالك
ناسك فاتو وإنت حارس الدار بتنبح مالك
****
الجريو :
طلبك بستجيبلو وبي العلي بحكالك
القور المكفي زعلي سببو الضعن الرحل قبَّالك
بنبح في الشدر لأني شفت زوالك
عندك نيه عارفك يالفقدت أمالك
****
ود إدريس :
مهجور الديار الفي الدمر بتسامر
ليلك كلو زي ماتشوف زوال بتجامر
كان مو زمانه عازم بي حياتنا يغامر
ما كان قادنا لي هُرب الصنوب الجامر
****
الجريو :
محبوب الآناس النصو مقسوم ضامر
هدَّم بيتو والكجره وعمارو العامر
عاكس الفي الصعيد بي إبلو سنتين دامر
نطحوبو الشمال بلد الوحيش الهامر
****
ود إدريس :
يالحارس الدمر حسَّك تقول فُقاعه
يامنجوه شنو الكرمك من ناسك النجَّاعه
براك وبره الديار والبلبله السجاعه
للجاييها ما خلت وراها مذكره أم صُقاعه
****
الجريو :
الكجراها قعدت في الدمر تتداعى
قامت بس كريس مانضمت كتير في وداعه
إن لولحت راسك وإن دبلبو القاعه
مابفرق معاي ومعاها غاشه جماعه
****
ود إدريس :
بدوية الغروب الهولتنا أفكاره
تب أمسينا من أورينق فراقه سكاره
محسونة حظوظاً وتاني قول ياجباره
حس القمري عاط أنا والجريو نتبارى
****
الجريو :
العشاقه جنت بالشدر تتجارى
ست الحشمه حاشه لسانه ما لالا ونطق بي فجاره
أنا وإياك والقمرى البقوقي سهاره
أسرتنا الهموم محن أم خدود في داره
****
ود إدريس :
وضِّح في جوابك ياللهيو أسعلك
أنا والقمري هينين إنت كيفن حلك
قورك مكفي ماتضوق الرفاهه نعلك
فارق جردل اللبن البجيك في محلك
****
الجريو :
قادر رافع الكون رازق المسكين
بجود منتظرو مايجيب لي عرب راحلين
الهدَّم فريقن وقاموا بالإتنين
رسمو القصه بي وضع الجريو ماكانوا مهتمين
****
ود إدريس :
من كُتر النبيح وتسكلجك غير فايده
غشوك بالكُشك جبدت جُمالهن قايده
بريبة الوحيش البي خلاها مصايده
رئيسة جيل وحوريه وجميلةً قايده
****
ياديار الشرف شرف الشبابات وينها
وين قمر الخريف الكلحبايس عـينها
الشدوله عُطفه ورشرشــوله سعينها
الله يضرو مقطوع النصيب الخشه بيني وبينها
****
العرب العمارهم خزنوهو وقــــا مو
بينها وبينا أيضاً وبين ضماياً ضــامو
العشاقو علي سهرة الليل المدبًّل قامو
قــــــام خلالنا في ككر الديار ألغــامو
****
شمس الكون غابت ولمَّن الأضلال
عشان مهجور وبقيت حالتي مابتتمنى في الأطلال
سعل ياقلبي للشدر الفروعو طوال
علي ليم الرحيل ظنيتو شوقك طال
****
قلبي الليله لاحنلو البروق وصبيبِن
قام ليلو الطويل ثم النجوم لي مغيبِن
في شرف المرسَّم بالحريره وضيبِن
كم علَّقت تاج هيبه وعملت نقيــــبِن
****
ياشين الديار عقب الي كاــــن نازلهن
تقول تربات مقابر والمطر عـــازلهن
السدَّن كدانهن وأبرمن لي غـــــزلهن
بنوت حور عظامه والوحي بغازلهن
****
يحزن الشاعر من منظر الديار بعد ما هجرتها صاحبته التي
كانت تنزلها , وحزن من منظرها بعد ما أتى عليها المطر فترك
أثره عليها وأصبحت كأنها مقابر غسلها المطر وغير ملامحها
وهي نفس الصوره التي ذكرها الأخطل سابقاً عندما قال :
ألا حييـــــا داراً لأم هشــــام ... وكيف تُنــــــادى دمنةٌ بســـــلام
محا عرصات الدار بعدك مُلبسٌ.. أهاضيب رجاف العشيُ ركام
عشية رحــــــنا والعيون كأنها ... جداول ســـــــيلٍ بتن غير نيام
أم هشام: صاحبته
دمنة : دار دارسه قديمه أطلال
العرصه ساحة الدار
الأهاضيب جمع هضبه وهي المطره
رجاف العشي : السحاب الحامل للبرق
أنظر للصدف هنا أن تتشابه الصوره الشعريه للشاعرين وكلاهما
ذكر أثر المطر على الأطلال وكلٌ ذكر صاحبته الغائيه وكلاهما أتو
لدار الحبيبه في العشاء , فجاء ود إدريس ليلاً فلم يجد سوى الجريو
وجاء الأخطل عشاءاً لأنه قال (عشية رحنا ) . وكلاهما سهر ليله
ولم يذق النوم حتى الصباح , وهناك شي غريب فالشاعر ود إدريس
قد سقط في آخر شطره , سقطه عقائديه عندما قال : (بنوت حور
عظاما والوحي بغازلهن ) وبهذا قد خالف تعاليم الإسلام لأن الوحي
كيف يغاول الحور ولا ننسى أن الأخطل نصراني الديانه .
****
متين عبو الرحيل ليل الشريف مابشاورو
مابين البشر لي الصي بدورو يجـــاورو
السادر غميدي وصبري ناوي يصــاورو
ينقِّد في التلوب مرمي البيوت ما بحلورو
****
أمسالي الوقت رمى الضلام جنحينو
حلق بي دارو ضقت تصوب النابلو الغصن في عينو
أهل العطَّر الخمره وسقــــابه قرينو
نطحو الوبلي نزلو وركرك القبلي أب هويش زرقينو
****
الفي الشده قام طير الجنان باريهن
نطحو الوبلي نزلو وركرك القبلي أب هويش باريهم
قامو كريس تقول عارفني بي نية ضرر جاييهن
من دي سلمو لكن أنمهل بوريــهم
****
بعدها سكت الجريو من النبيح , وهناك شخص يركب على بعير
قد وصل ليلاً , فعرف شاعرنا في ما بعد أنه صاحب الجريو
وعرف أنه زوج صاحبته , فسأله فقال شاعرنا :ـ أنا عندي شوهات
مع الجماعه ديل جيت آخذهن , فأخرج الرجل سعن مليان قارص
فأعطى شاعرنا فشرب وأرتوى جيداً لأنه كان عطشانا وجوعان
وصب أيضاً للجريو فشبع , ونام الجريو . لا حظ صاحبنا أن
الرجل لم ينزل السرج من البعير فعرف أنه
يريد أن يغادر مبكراً .
****
فقال ود إدريس :ـ
أنا وإياك يالفي الـــدار بتنبح حـــــارس
شرينا روينا في السعن المطقطق قارص
سيدك شايفو في البتغيصبو يبحث تارس
عشان مخــــلوفتو مادلاها ساكتاً كارس
****
أرقد يالجريو حظك نزلبو المـــــــيس
إنت نجـــــــيته لكن ظل ود إدريــــس
قضيتي إتدهورت حاجج وراها إبليس
بعد حضرو القضــــاة مابينفع البوليس
****
الرغمي الهـــــلاكي إتكــــــبدنو ندايدو
نام سيد بيتو في الدار والجريو والرايدو
فـــــــاهو معلب العسل العليهو سدايدو
كزمو يفوق علي الموز والقرين بلح الشمال في جرايدو
****
لو تمعنا النظر في الثلاثه مربعات السابقه , لعرفنا أن ود إدريس
قد إجتمع لأول مره مع الرجل الذي تزوج صاحبته , وثالثهم جريو
وهو صغير الكلب , والرجل قد أراد أن يأخذ الجريو باكراً ويتركا
ود إدريس في أرض خلاء لا أحد بها , وكان ود إدريس يتسطى
على الرجل ويكرهه لأنه قد تزوج محبوبته , وناموا ثلاثتهم في
الدار وكلُ واحد منهم يحرص من الآخر ومعه من السلاح ما
يحميه . وهو نفس موقف الأخطل لما جاء يزور الجماعه فلم
يجد سوى غراب وذئب وخاطبهم فقال :
وكيف يداويني الطبيب من الجوى ..وبَرَّةُ عند الأعور بن بياني
ينهنهني الحراس عـــــنها وليتني..قطعت إليها الليل بالرسفان
خليليَّ ليس الـــــرأي أن تذراني ..بدويةٍ يعوى بــــــها الصديان
وأرقني بعد مــــــانمت نومةً ..وعضبٌ جلت عنه القيون يماني
تصاحُبُ ضيفي غفرةً يعـــــــرفانها..غرابٌ وذئبٌ دائم العسلان
الجوى :السقم (مرض حامد ) . وبره : محبوبة الأخطل
الأعور بن بيان : الرجل الذي تزوج بره (شوكش الأخطل)
ينهنهني : يمنعني الحراس ,كما منع الجريو ود إدريس
الرسفان : المشي في القيد رويداً . العضب : السيف اليماني
بدويه : الدويه هي الأرض الخاليه التي لا يسمع فيها إلا
دوي الريح . العسلان هو سير الذئب .
فهل يمكننا أن نشبه الرجل بالغراب والكلب بالذئب , لأن الغراب
هو دليل شؤم وفراق والكلب من فصيلة الذئاب وود إدريس أخ
الأخطل . فذهب صاحب الجريو بكلبه وتركوا ود إدريس في الخلاء
كما فارق الأخطل الذئب والغراب وتركاه . والأخطل وو إدريس
كللإ منهم كانت محبوبته تحت وطئة رجل آخر قد رحل بها وظعن
معها وكلاهما يبكي على الأطلال بحسرته وشوقه وحبه .
****
المن إبلو قـــــام شادي البزيم باريهـا
رقد متكبد العبره البـــــلاوِك فيــــها
المهشوقو غـــــايسات التهم نافـــيها
شاكي مزريَّن الدوف والحقب كافيها
****
نمنا الـــــــليله في الدار البقت خــــــرباني
حاله كثيفه يات اللبقى لافخ من كلام التاني
نام بالخـــــــطه قــــايل القصه هي غابياني
شقالو الحمـــار ساق الجريو وقطَّر إتعداني
****
بعد علَّق ذهـــــابو والجـــــريو صفرلو
جبد رسن البعـــــيربــراحه وترب طفرلو
قايل روحو غشاني وحبل الهلاك قصرلو
مــــاني سيد رايحه لكــــن كنت بتبصرلو
***
هنا صحى الرجل وأخذ معه الجريو وغادر المكان يريد
أن يترك ود إدريس في الدار , ولكن ود إدريس يعرف
ذلك وأصبح الرجل يتحد مع جريوه فقال :
البتشكى من شوفة شياهو مطوِّل
خلو يضوقه يصبح في المر متهوِّل
قندول الفريك البستقاد مو معوِّل
بهجمو الليله بي تيس الجزو المتخوِّل
****
الجريو :
غشيم ياسيدي ظنيتك بليد بلحيل
بخاف تنغشى ماتركب تقابل الميل
جات في صالحو زولك وداب لقالو عديل
عليك بتسطى ماممودرشياه زول ليل
****
الرجل :
إن فيها عامل زول هجوم مابيخضعاً لي دار
هذا شيوم عدوك سيدو البنوم في الدار
إن كورك مغني وإن مدح بي طار
قبض أم تجه مابلم في الرحيل إن طار
****
وعندما حان الفجر صلى ود إدريس الفجر وأشرقت الشمس
وهنا بدا لو إدريس منظر الأطلال والبيوت المهدومه وأثر
النار وأماكن تواجد محبوبته وآثارها وآثار أهلها فقال :
****
غراره العبوس خاينه أم قدود كم هدَّت
عمار باديه ومداين وبالتراث أمتدت
بعد زام المكعَّم والتلوب إنشدت
عاد جرس الشلايل والضعاين قدَّت
****
الشدوا الرحال باكريه جبدو ضعاينو
سفَّل شرفو والعشاق وراهو بعاينو
رحلوبو البتجهر للبواقرو رتاينو
ختو ربايطو في صياً ولوفه رواينو
ــــــــــــ
هذه لحظة الفراق وما أقساها لحظه عندما تغادر الظعائن المكان
متجهه إلى الفلاة الواسعه بعيداً عن العشاق البافين في الأطلال
ولم يبقى للعشاق سوى إرسال النظرات خلف الظعائن كنظرة وداع
قد تطول المده فيه أو قد يكون وداع إلى ما لا نهايه لأن بعض الناس
يجوب الباديه دون مكان إقامه , ودائماً أو غالباً ماترحل الظعينه
باكراً أو أول الصباح (الغداة) وحال شاعرنا هنا كحال من سبقه من
العشاق والمحبين الذين فارقهم من يحبون ومفس الموقف قال فيه
أمرئ القيس :ـ
كأني غداة البين يوم تحملوا... لدى سمرات الحي ناقف حنظلِ
أي يوم أن رحلوا كان يقف عند شجرات السمر التي جوار الحي
وكأنه يقشر الحنظل (ينقرف ) وما أمره من إحساس .
وقال عن هذا الموقف عنتر :
ولقد نظرت غداة فارق أهلها ... نظر المحب بطرف عينٍ مُغرم
وأحب لو أشفيك غير تملقٍ ... والله من سقمٍ أصابك من دمي
وقال في موضع آخر :
فأتبعتهم طرفي وقد حال دونهم... عوارب رملٍ ذي إلاءٍ وشبرق
فعزيتُ نفسي حين بانوا بحسرةٍ...أمونٍ كبنيان اليهودي خيفق
,,,,,,
أيضاً كما ود إدريس وأمري القيس فارقت محبوبة عنتر عند
الغداة وكرفيقيه كان يحس الفراق وطرفه يتابع .
ولا أظن أن الأخطل لم يصور هذا الموقف العصيب فقال عندما رأى
أهلها قد تجمعوا للرحيل فبكى وزرفت عيناه الدموع من خوف الفراق
فقال في هذا الموقف :
شرقن إذ أعصر العيدان بارحها ...وأيبست غير مجرى السنة الخُضُر
فالعــــــين عانيةٌ بالمـــاء تسفحه...من نيةٍ في تلاقي أهلـــــــها ضرر
,,,,,
ولا بد أن نعرج على شيخ العشاق وفراش الباديه الشاعر الكبير
ود شوراني الذي رحل قلبه مرات ومرات مع معشوقه وأيضاً
قد رحل منامه وقلبه خلف الضعائن فقال :
عُربان الجميل وظريف وناير ونادي
سارو وصُحبتن قلبي الولوف ورقادي
****
دهجيرة الضعن ما خبروبه قصيرهن
أصلو المزني مهما تطول مسافتو مصيرُن
الفي الشيل بعادل للربيطه سريرهن
قولو حساده مابدو المسافه ضميرهن
****
رحلو وقامو قاد راس الضعينه خبيرهن
بالعقبه أم سموم رشو السعين لصغيرهن
بالحور والعُطف عمسو البتل بتقيلهن
البيت والخيَّش ثم الكِدان وشليلهن
****
الأبيات السابقه يوضح فيها الشاعر أن الضعينه التي رحلت
قد كان في قيادتها خبير هذه الجماعه وهو غالباً مايكون رجل
من الكبار والخبراء بمعرفة الطريق ومعرفة الطرق والأماكن
ورجل ذو تجارب كثيره ,وذكر العقبه أم سموم وهي الفلواات
الشاسعه الخاليه والتي تعبرها الضعينه حتى تصل مكان الماء
ومادام ذكر أن الجماعه رشو سعن الماء والسعن هو من جلد
الحيوانات (قربه ) صغيره يتم ملئه بالماء ومادام ذكر السموم
فيعني أن الدنيا صيف وأول الخريف والسموم هي الرياح
الحاره التي تهب نهار الصيف , وذكر الحور والحور هو الهودج
الذي تُحمل عليه الجميلات , عمسو : أي ملأو وأثقلوا الحمول
البتل : البعير الذي يأتون به لحمل الأثقال وهو يتل يعني يضرب
برجله الأرض وتظهر أصوات الحمول والأجراس والودع الذي
تُزين به الضعينه , والعطف والكدان هذه هي بيوت الشعر
والشلايل هي تزيينات يُزين بها الحور ليظهر في تبختر وجمال .
هذه اللوحه الجميله تطابق لوحه رائعه رسمها الأخطل منذ قديم
الزمان , لأن العادات نفس العادات والرحيل نفس الرحيل والباديه
هي الباديه والجميله هي هي عندما قال :
صحا القلب إلا من ظعائن فاتني .. بهن أميرٌ مستبدٌ فأصعدا
وقربن للبين الجمال وزُينت ..بأحمر من لُك العراق وأسودا
وقلن لحـــــاديهن ويحك غننا .. بحداء أو بنت الكناني فدفدا
يَقِلنَّ إذا مااستقبل الصيف وقدةً وجرَّ على الجد الظنون فأنفدا
أصعدا : مضى وسار في أرض مرتفعه
وقربن : أتن بالجمال للحمل
يَقلن : يهجعن إلى القيلوله
وقدة الصيف : حرالصيف
الجُد : البئر
الظنون : القليل
****
عقدو القومه تب نية الرحيل باتوبه من بالليل
رقدو ربيطه بدري يترازمن قايمات تلوب الشيل
ميكاييل ضربولو وزوَّد الكيل كيل
ختمو الوادي نزلو مشارف الوادي البدلي السيل
****
الرزمن تلوبهن وغادرن ميدانهن
جرس الحور وبُراقه والضبايا ثم الشليل وكدانهن
بعد فاتو أمرميتهن ووخروا أم عيدانهن
إتكركر صباح رقد أم سقيب بي أوزانهن
****
****
عقبو الصافيه بي غرب والمسافه تدانت
جبال الغره طارت والطرابيل بانت
علي العشاقه من ألم الضمير كم عانت
أعلن نفسو ود إدريس مهاجر والقماري إتغانت
****
الشدو الحوايا وكرَّبوا العطَّاف
رصو ضبايه درعو المُفرع الفيهو الودع لصَّاف
مشيهن بالقمر مابضووا بي كشاف
دليلن قايس العقبه وصميم مابخاف
****
الرزق المدبَّك سايقو زولاً واعي
غنم الصيف حِزم المعاز كتير يسعِّن المو ساعي
الجنى جامع البقر في نفسو إمسي ويداعي
دارع سعنو ماتنيى الحمير دايرات وحيدِن واعي
****
حملانهن يعيطن ولبلبن عتانهن
الزهمول هياج ويتناطحن تيرانهن
بعد نزلو الضهور وتباينن نيرانهن
يبنو البيت بعيد بخاف الكل يضر جيرانهن
****
أبقي آآلباديه عشره وأوعي ما أوصيكي
أبقي أمينه لي النزلن بيوتن فيكي
بعد خرًّف خلاكي وإنسرف واديكي
الخرطوم عُقب ناديهو مابناديكي
****
وبعدها إنطلق خيال الشاعر يخاطب الباديه ويرسم لنا لوحه
فنيه عالية الجمال عن الباديه وروعتها وجمالها أيام
الخريف وروعة المراحيل والضعاين وألم الفراق وبدأ
يدور بالخلاء عله يجد من يؤانسه ويتبادل معه الحديث
بعد ما ألم به من فاجعه . وسوف نعود لنعرف هل غادر
أم طاف بعقله شيٌ آخر .
لم يغادر الشاعر لأنه قد تذكر أن بالبيوت القديمه وعل (الشِعب)
هنام صُرر (جمع صُره ) فتخيل أن البنت قد تكون تركت مذكره
أو وصيه في هذه الصُرر , فعاد وبدأ يفتح الصُرر واحدةٌ واحده
فلم يجد غير , بركة الفقير وهي تراب قبر الشيخ المتوفي
ويسمونها بركه ومصرور معها (الهبود ) الرماد وعقارب
ميته ومصروره وهذه من عادات أهل الباديه يعتقدون أن هذا
الفعل يحفظ الدار حتى السنه المقبله فقال :
ــــــــ
قلبي الهبَّ نسامو وطبقلوا عُصاركُن
أمسيت لاهي أصبح لي مربَّط في الدمر صراركُن
أخد لي دقسه باكريه وحلق بي داركن
غير القمري مالقيت من يجيب أخباركن
****
يا أم سيحان سميرك في الدمر مضروب
ضعنك ولى فات مابيلحقو الأقروب
بقول في إنه وين ما أشوف دليق مكروب
كل نفيتو مالقيت حاجه غير البركه والعقروب
****
البرك المرَّبط في التُكُل صراره
بيها إتكتح سوى البدع في داره
تقابة الفريق الـ للغشيم ماغاره
بي بهدلتو لمَّ القصه لي رب العباد إختاره
****
عجَّت نفسي بالحسره وهمومي إتوالت
لفَّت لاعبه سبعه تمانيه خمسه وضالت
داست راسه شافت رايه ختت وشالت
لقت أقدامه في ثمد الرمال إنهالت
****
العرب المربَّط في المحاصه بركُّن
قامو عجاله خلو الفي الديار قابض كراعو شركُّن
يروح معازُن إن شا الله ويجيني طلقكُن
عشان خلوني لا تلفون هلا ولا زاملةً بلحكُن
****
الإنزفُّوا من دون داعي هدموا ساسُن
مو قل الخريف لاكن قليل إحساسُن
يضوقوا البشتنه وهالةً تهدِّي حماسُن
يعيالُن نسيبُن ويلدغ الفي راسُن